في ظل التطورات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، يشعر المجتمع السعودي بقلق متزايد إزاء الأوضاع الراهنة في سورية ولبنان ودول الجوار الأخرى، ويُعزى هذا القلق إلى حالة عدم الاستقرار التي تسود المنطقة، وما قد يترتب عليها من تداعيات تؤثر على الأمن والاستقرار في المملكة العربية السعودية.
فبعد سقوط السلطة السياسية في سورية، تزايدت المخاوف من حدوث فراغ أمني قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات الطائفية والاقتتال الداخلي، وهذا الوضع يثير قلق السعوديين من إمكانية انتقال هذه الصراعات إلى دول الجوار، بما في ذلك المملكة.
ولذلك، هناك سعي سعودي للتهدئة والسلام في المنطقة، ووجد هذا السعي تعبيراته في المبادرات التي طرحتها السعودية لوقف إطلاق النار إن كان في غزة أو في لبنان، الأمر الذي عبّر عنه الباحث السياسي أحمد آل إبراهيم بقوله: «إن السعودية تُعد شريكاً رئيسياً وفاعلاً في الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى وقف التصعيد العسكري في المنطقة».
وحول الوضع في لبنان، كان قد أكّد المعلق السياسي اللبناني إبراهيم ريحان أن «السعودية توظف ثقلها وتأثيرها الإقليمي والدولي لدعم سيادة لبنان واستقراره، وتشجع القوى الوطنية اللبنانية كافة على سرعة التحرك لإنجاز الاستحقاقات المهمة الواجب عليهم إنجازها».
اقرأ أيضاً: السعودية: أوقفوا النار في غزة وادعموا «الأونروا»
وبطبيعة الحال، لا يقتصر تأثير عدم الاستقرار في الشرق الأوسط على دولة بعينها؛ بل يمتد ليشمل المحيط الإقليمي بأسره، فالتوترات في سورية ولبنان قد تؤدي إلى موجات نزوح جديدة، وزيادة في الأنشطة الإرهابية، وارتفاع في حدة الصراعات الطائفية، هذه التداعيات بمجملها تشكل تهديداً مباشراً لأمن المملكة واستقرارها.
وأمام هذه التحديات، يعبر السعوديون عن أملهم في تحقيق الاستقرار والسلام في سورية ولبنان ودول الجوار الأخرى، ويتمنون أن تتجنب هذه الدول المزيد من التصعيد العسكري أو الدخول في حروب طائفية مدمرة.
كما يأملون في أن تسهم الجهود الدبلوماسية في تحقيق تسويات سياسية تضمن وحدة هذه الدول وسلامة شعوبها، وكان قد أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان «أن استمرار الحروب واتساع نطاقها إقليمياً يُضعفان منظومة الأمن الدولي، ويهددان الاستقرار في المنطقة».
فيما تسعى المملكة العربية السعودية، من خلال دبلوماسيتها النشطة، إلى لعب دور محوري في تحقيق الاستقرار في المنطقة، وتعمل على تعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة، وتقديم المساعدات الإنسانية، والمشاركة في جهود إعادة الإعمار.
اقرأ أيضاً: السعودية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان وهذه بنود الاتفاق
وتفاعل السعوديون بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معبرين عن آرائهم ومشاعرهم تجاه هذه الأحداث، فقد أعرب العديد من السعوديين عن قلقهم من تداعيات سقوط السلطة السياسية في سورية على استقرار المنطقة، وغرد أحدهم قائلاً: «نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل شر، الأوضاع في سورية ولبنان تدعو للقلق ونسأل الله السلامة».
وتمنى السعوديون للشعب السوري والشعوب المجاورة الاستقرار وتجنب الفتن الطائفية، وفي هذا الصدد، كتب أحدهم: «اللهم احفظ إخواننا في سوريا ولبنان من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وامنحهم الأمن والاستقرار».
وأشار بعض السعوديين إلى أن ما يحدث في دول الجوار قد يؤثر على المملكة، فجاء على لسانه: «الأوضاع في سورية ولبنان تؤثر على المنطقة بأكملها، وعلينا أن نكون حذرين ونتكاتف لحماية وطننا».
ولم يغب الجانب الإنساني عن تفاعلات السعوديين، حيث دعوا بالسلامة والاستقرار للشعوب المتأثرة، وغردت إحدى المواطنات السعوديات: «قلوبنا مع أهلنا في سوريا ولبنان، نسأل الله أن يفرج كربهم ويعم السلام في ديارهم».
وتعكس هذه التفاعلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاعر السعوديين تجاه الأوضاع الراهنة في المنطقة، حيث يجمعون على أهمية الاستقرار وتجنب الفتن، مع التأكيد على تأثير الأحداث الإقليمية على المملكة وضرورة التكاتف لحماية الوطن.
ختاماً، يبقى القلق السعودي مشروعاً ومبرراً، فعدم الاستقرار في سورية ولبنان يشكل تهديداً للأمن الإقليمي، وقد تكون له تداعيات مباشرة على المملكة، لكن ما بعد تطبيق وقف إطلاق النار في لبنان، وفصلها عن الجبهة في غزة، فإن العين السعودية تنظر بشكل أساسي إلى ما يحدث في سورية، وتترقب مآلات الأحداث فيها، مع السعي إلى دفع الأمور باتجاه التسوية على أساس قرار مجلس الأمن 2254، أمّا كيف ستتطور الأمور؟ فهذا ما ستجيب عنه الأيام والأشهر القادمة…