وسط الصحراء التي تحولت إلى أرض للفرص والأحلام، تواصل السعودية كتابة فصل جديد من قصة طموحها، فمدنها الواعدة لم تعد مجرد نقاط على الخارطة، بل أصبحت نوافذ مشرعة نحو مستقبل مليء بالحيوية والجمال. إذ تنطلق مبادرات استراتيجية تهدف إلى تحويل المساحات المهملة إلى ساحات نابضة بالحياة، لتروي حكاية جديدة عن تطور مدن المملكة وتجربة سكانها وزوارها.
في معرض سيتي سكيب العالمي بالرياض، كان المشهد أشبه ببوابة نحو الغد، حيث تقاطعت الرؤى الطموحة بين الجهات الحكومية والخاصة لتوقيع اتفاقيات تحمل بين طياتها وعوداً بتجديد الحدائق، وتطوير الكورنيشات، وإحياء الأماكن العامة بروح إبداعية.
وفي التفاصيل، شهدت الرياض مؤخراً توقيع مجموعة من الاتفاقيات البارزة بين جهات حكومية وخاصة خلال معرض «سيتي سكيب» العالمي، وتسعى هذه الاتفاقيات إلى تعزيز جودة الحياة في عدد من المدن السعودية الطموحة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
وأعلنت شركة «أسفار» السعودية للاستثمار السياحي، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، عن توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ويهدف هذا التعاون إلى تطوير فرص ترفيهية وثقافية ورياضية في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يدعم نمو القطاع السياحي ويعزز تجربة الزوار.
وفي حديثه حول ذلك، أكّد الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة «أسفار»، أن الهدف هو تحويل المدن السعودية الواعدة إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الهوية الثقافية وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة، وأضاف: «نحن ملتزمون ببناء شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تطور مستدام يعزز مكانة المملكة على خارطة السياحة الدولية».
ويشمل التعاون مع الوزارة تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية متميزة، عبر مشاريع مبتكرة مثل تجديد الحدائق والمرافق العامة، ويتناغم هذا الجهد مع مبادرة «بهجة» الوطنية التي تهدف إلى رفع مستوى رفاهية السكان وتعزيز تجربة الزوار، ما يعكس التزام «أسفار» بتحقيق أهداف رؤية 2030.
وتستهدف هذه المبادرات ثماني مدن سعودية واعدة، منها الأحساء، الباحة، والجوف، حيث تسعى «أسفار» لتحويلها إلى وجهات سياحية مميزة، وفي خطوة إضافية، أبرمت اتفاقية ثلاثية مع أمانة المنطقة الشرقية وهيئة تطوير المنطقة الشرقية لتطوير مدينة الخبر، بما في ذلك تحويل الكورنيش الجنوبي إلى وجهة سياحية متكاملة تخدم المواطنين والمقيمين والزوار.
اقرأ أيضاً: وادي صفار وجهة السياحة الفاخرة في قلب الدرعية
وفي السياق، اختتمت المملكة العربية السعودية فترة رئاستها للمجلس التنفيذي للسياحة التابع للأمم المتحدة، داعية إلى تعزيز الجهود العالمية لدعم القطاع السياحي وتطوير جدول أعمال السياحة الدولية.
ويأتي هذا في وقت متوقع أن تلعب فيه السياحة دوراً محورياً في دفع عجلة الاقتصاد العالمي، مع توقعات بأن تساهم بنسبة تصل إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2024، بقيمة إنفاق سنوي تصل إلى 11 تريليون دولار.
وتتزايد توقعات نمو القطاع السياحي مع تزايد حركة الربط الجوي والطلب على السفر بعد تجاوز أزمة جائحة كورونا، إلى جانب توسع الطبقة المتوسطة في الأسواق الناشئة.
وفي الاجتماع الـ 122 للمجلس التنفيذي، الذي انعقد بين 13 و15 نوفمبر الجاري في مدينة قرطاجنة بكولومبيا، اختتمت السعودية فترة رئاستها التي استمرت عامين، حيث أسهمت في توجيه رؤية المجلس وتشكيل سياسات السياحة الدولية، مع تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء.
وتحت قيادة المملكة، أطلق المجلس برنامجاً تحولياً شاملاً ركز على مجالات الاستثمار، والتعليم، وتمكين الشباب، والاستدامة، وهو ما انعكس إيجاباً على الاقتصاد والمجتمعات المحلية، وخلال كلمته في افتتاح الجلسة، أكد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب أهمية العمل المشترك لتحقيق الازدهار المستدام للسياحة العالمية، مشيراً إلى ضرورة اعتماد نماذج مبتكرة لدعم القطاع وتعزيز الشراكات الاستراتيجية والاستثمار.
وفي سياق تعزيز التعاون الدولي، وقّع أحمد الخطيب مذكرة تفاهم مع وزير السياحة الزامبي، رودين سيكومبا، تضمنت التعاون في مجالات متعددة، منها تدريب الكوادر البشرية، وتبادل الخبرات الإحصائية، وتنظيم الفعاليات السياحية، وتطوير السياحة المستدامة.
اقرأ أيضاً: باقات التجميل والسياحة متعة محفوفة بالمغامرة
كما أجرى الخطيب لقاءات مع نظرائه من البرازيل وجنوب أفريقيا وكولومبيا، مؤكداً التزام السعودية بتعزيز التعاون الدولي ودعم التقدم المشترك في قطاع السياحة.
يشار إلى أن رئاسة السعودية للمجلس أسهمت في تعزيز التعاون العالمي عبر المراكز السياحية المختلفة، وشهدت توسعاً إقليمياً ملموساً بإنشاء مكاتب جديدة في مناطق عدة، مثل المكتب الإقليمي للأميركتين في البرازيل، والمكتب الإقليمي لأفريقيا في المغرب، إلى جانب مكاتب متخصصة مثل مرصد قانون السياحة في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ومكتب السياحة على طريق الحرير في أوزبكستان.
اقرأ أيضاً: ملتقى المستثمرين في قطاع السياحة 2024