أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي و”غوغل كلاود” شراكة استراتيجية لإطلاق مركز عالمي جديد للذكاء الاصطناعي، ومن المقرر أن يكون مقر المركز الجديد قرب مدينة الدمام في المنطقة الشرقية من المملكة.
وتتضمن الشراكة التي جرى توقيعها على هامش مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”، تطوير قدرات الكفاءات السعودية في سوق العمل من خلال برامج ذكاء اصطناعي ومهارات رقمية تفيد الملايين من الطلاب والموظفين، بما يتماشى مع المستهدفات الاستراتيجية للمملكة بتحقيق نمو بنسبة 50% في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.
وبموجب الشراكة، سيتمكن العملاء من استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من “غوغل كلاود” لدعم النمو في مختلف القطاعات وزيادة قدرة تطوير التطبيقات ونماذج الذكاء الاصطناعي.
كما يتيح المشروع للشركات ومستهلكيها الاستفادة من مستويات جودة أفضل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وخدمات البيانات، بشكل أسرع على صعيد محلي.
وستشمل البنية التحتية عالية الأداء والمخصصة لهذا الغرض أحدث مسرعات وحدات معالجة الموتر (TPU)، ووحدات معالجة الرسومات (GPU)، بالإضافة إلى منصة “Vertex AI”، وهي منصة التطوير المتخصصة من “غوغل كلاود”، التي تمكّن العملاء من إنشاء تطبيقات ذكاء اصطناعي توليدي، كما أن هذه الشراكة خاضعة للحصول على الموافقات التنظيمية المطلوبة.
وحول هذه الشراكة، أشار محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر الرميان، إلى أنها تعكس دور الصندوق في تعزيز بيئة صديقة للذكاء الاصطناعي، من خلال الاستثمار في رأس المال البشري والتقني، وتحسين مهارات آلاف الأشخاص باستخدام الأدوات المتقدمة، بما يدعم أهداف تطوير بنية تحتية مستدامة ومبتكرة.
وأوضح أن هذه الشراكة تبرز مكانة المملكة بوصفها مركزاً رئيسياً لشركاء التقنية العالميين، بينما سيوظف صندوق الاستثمارات العامة خبراته في القطاع، واستثماره على المدى الطويل بما يخدم هذه الشراكة.
بدورها، قالت الرئيسة والمديرة التنفيذية للاستثمار في شركة “ألفابيت” و”غوغل”، روث بورات، إن هذه الشراكة الاستراتيجية ستعمل على تسريع اعتماد حلول الذكاء الاصطناعي باللغة المحلية للمؤسسات والشركات الناشئة في المملكة والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم، وذلك في مختلف القطاعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والخدمات التجارية والمالية وغيرها.
ولتعزيز النماذج باللغة العربية، ستعمل “غوغل كلاود” وصندوق الاستثمارات العامة على تعزيز قدرات اللغة العربية في تطبيق “جيميني”، الذي يعد عائلة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من غوغل، وذلك من خلال الجمع بين مجموعات إضافية لبيانات اللغة العربية مع تقنية “غوغل كلاود”، وستُتاح للشركات المحلية والباحثين والمطورين الفرصة لربط هذه النماذج بأنظمتهم ليتمكنوا من بناء تطبيقات متطورة للذكاء الاصطناعي باللغة العربية.
وتشير تقديرات البحث الأولي الذي أجرته شركة “غوغل كلاود”، من خلال شركة “أكسس بارتنرشيب” الاستشارية المتخصصة في مجال سياسات التقنية، إلى أن مركز الذكاء الاصطناعي الجديد يمكن أن يضيف بشكل تراكمي ما يزيد على 265 مليار ريال (قرابة 71 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال 8 سنوات.
ومن المتوقع أن يؤدي النشاط الاقتصادي المتزايد الناتج عن اعتماد الذكاء الاصطناعي في المملكة إلى تمكين استحداث آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة التي تتطلب مهارات عالية.
ويعد قطاع التقنية أحد القطاعات الاستثمارية ذات الأولوية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، كونه عامل تمكين رئيسي لقطاعات اقتصادية أخرى عديدة، بما في ذلك الترفيه والخدمات المالية والرعاية الصحية والنقل والخدمات اللوجستية والمرافق والطاقة المتجددة.
ولدى صندوق الاستثمارات العامة السعودي عدة استثمارات في قطاع الاتصالات والتقنية، بينها الشركة السعودية لتقنية المعلومات (SITE)، التي تقدم الخدمات والحلول الرقمية والسيبرانية من خلال الكفاءات الوطنية، وشركة تقنيات إنترنت الأشياء لتقنية المعلومات (iot Squared) المتخصصة في إنترنت الأشياء.
ويعتمد الاستثمار الجديد على التواجد الحالي لشركة “غوغل كلاود” في المملكة، الذي يشمل منطقة الدمام السحابية، التي تم إطلاقها العام الماضي كجزء من شبكة “غوغل كلاود” العالمية الحالية المكونة من 40 منطقة.
قوة خارقة في مجال الذكاء الاصطناعي
يذكر أنه في أبريل من العام الحالي، أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن المملكة العربية السعودية تنفق أموالا طائلة في مسعى منها لتصبح قوة خارقة في مجال الذكاء الاصطناعي وسط صراع متصاعد بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ التكنولوجي.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن المملكة الغنية بالنفط تستثمر مليارات الدولارات في مجال القدرة الحاسوبية وأبحاث الذكاء الاصطناعي.
ولفتت الصحيفة إلى أن كل من يعمل في مجال التكنولوجيا يرغب في تكوين صداقات مع السعودية في الوقت الحالي، حيث تعمل المملكة على التحول للاعب مهيمن في مجال الذكاء الاصطناعي عبر ضخ مبالغ هائلة لتحقيق ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية كانت منذ فترة طويلة بمثابة مصدر للتمويل بالنسبة لصناعة التكنولوجيا، لكنها تعيد اليوم توجيه ثروتها النفطية نحو بناء صناعة تكنولوجية محلية، مما يتطلب من الشركات الدولية ترسيخ جذورها هناك.
وأكدت “نيويورك تايمز” أنه في حال نجحت خطط السعودية فإن ذلك سيضع المملكة وسط منافسة عالمية متصاعدة بين الصين والولايات المتحدة ودول أخرى مثل فرنسا التي حققت اختراقات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في جدة تعد محورية في خطط المملكة العربية السعودية للقفز إلى قيادة مجال الذكاء الاصطناعي.
وبحسب التقرير، على غرار جامعات مثل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، تعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، مدرسة البحث العلمي الأولى في المملكة، حيث تجذب قادة الذكاء الاصطناعي الأجانب وتوفر موارد حاسوبية لبناء مركز لأبحاث الذكاء الاصطناعي.
وحسب رؤية السعودية لعام 2030، أسست الرياض هيئة “سدايا” للبيانات والذكاء الاصطناعي، وتعمل على استراتيجية خاصة لمنافسة الدول المتقدمة في مجالات توليد البيانات والذكاء الاصطناعي، وجذب استثمارات بقيمة تصل 20 مليار دولار، بحلول عام 2030.
اقرأ أيضاً: أفق لا متناهٍ في مبادرة مستقبل الاستثمار