في عالمٍ تتقلب فيه الأسواق وتتغير فيه المعايير، يظل الذهب ثابتاً كرمزٍ للقيمة والأمان. وفي المملكة العربية السعودية، يُعتبر الذهب أكثر من مجرد معدن نفيس؛ بل جزء من الهوية الاقتصادية والاستراتيجية للدولة. مع حلول 15 أيار/مايو 2025، نلقي نظرةً شاملةً على واقع الذهب في المملكة، مستعرضين أسعاره، احتياطياته، والعوامل المؤثرة في تقلباته وآراء الخبراء لما يحصل في سوق الذهب.
أسعار الذهب السعودي
شهدت أسعار الذهب في المملكة العربية السعودية انخفاضاً ملحوظاً في منتصف أيار/مايو الجاري، متأثرةً بالتقلبات العالمية في أسواق المعادن الثمينة. وسجل سعر جرام الذهب عيار 24 حوالي 384.50 ريالاً سعودياً (ما يعادل 102.27 دولاراً أمريكياً)، بينما بلغ سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 336.50 ريالاً (89.49 دولاراً) بتاريخ اليوم الخميس 15 أيار.
ويأتي هذا التراجع بعد أن كانت الأسعار قد شهدت ارتفاعاً في أبريل، حيث وصلت قيمة الأونصة إلى 3500 دولار، مما رفع قيمة احتياطيات المملكة من الذهب بشكل كبير.
احتياطيات الذهب: السعودية في الصدارة عربياً
تتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول العربية في احتياطيات الذهب، حيث تمتلك نحو 323.1 طناً من المعدن النفيس، مما يضعها في المرتبة 18 عالمياً. وهذا الاحتياطي يشكل حوالي 0.9% من الاحتياطيات العالمية البالغة 35.5 ألف طن، ويعكس التزام المملكة بالحفاظ على استقرارها المالي والاقتصادي.
اقرأ أيضاً: «العصر الذهبي» بدأ: ماذا حملت زيارة ترامب التاريخية للرياض؟
العوامل المؤثرة في أسعار الذهب
تتأثر أسعار الذهب بعدة عوامل، منها التوترات الجيوسياسية، كالأحداث العالمية، مثل النزاعات والحروب التجارية، التي تؤثر بشكل مباشر على أسعار الذهب كملاذ آمن للمستثمرين. كذلك تعد السياسات النقدية من العوامل المؤثرة، كقرارات البنوك المركزية، خاصةً فيما يتعلق بأسعار الفائدة، حيث تلعب دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات أسعار الذهب.
ولا شك، يضاف إلى ذلك مسألة الطلب العالمي، فزيادة أو انخفاض الطلب على الذهب في الأسواق العالمية يؤثر على أسعاره في المملكة وخارجها.
مستقبل الذهب في السعودية
مع استمرار المملكة في تنويع اقتصادها ضمن رؤية 2030، يُتوقع أن يظل الذهب جزءاً أساسياً من استراتيجيتها الاقتصادية. وتُعد الاستثمارات في قطاع التعدين وتطوير المناجم مؤشرات على التزام السعودية بتعزيز مكانتها في سوق الذهب العالمي.
آراء وتحليلات
أبدى عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين آراءهم حول الوضع الراهن والمستقبلي للذهب في المملكة العربية السعودية. وفي حديثه حول الأمر، أشار المحلل المستقل في تداول المعادن، تاي وونغ (Tai Wong)، إلى أن «الانتعاش العالمي المدفوع بالتخفيض الحاد في الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين أدى إلى تصحيح فني في أسعار الذهب» على حد تعبيره.
من جهة أخرى، أفاد المحلل فؤاد رزاق زاده من شركتي «سيتي إندكس» (City Index) و«فوركس دوت كوم» (FOREX.com) بأن «الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعداً»، لكنه توقع استمرار الضغط النزولي لبضعة أيام أخرى، مع تحديد أهداف هبوطية عند 3136 دولاراً ثم 3073 دولاراً، وأخيراً عند المستوى النفسي المهم 3000 دولار للأونصة.
وفيما يتعلق بالاحتياطيات، أوضحت وحدة التحليل المالي في صحيفة «الاقتصادية» أن قيمة احتياطيات البنك المركزي السعودي من الذهب، البالغة 323.1 طن، قفزت بنحو 19 مليار دولار لتصل إلى 35 مليار دولار، مستفيدة من الصعود الماراثوني للمعدن الأصفر بالتزامن مع التوترات الجيوسياسية والحرب التجارية.