في جبال العلا الشامخة، ووسط عراقة التاريخ في الشمال السعودي، اختتم أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية، وذلك بتعاون استثنائي بين “فيلا الحجر” و “أوبرا باريس الوطنية”.
تعد “فيلا الحجر” أول مؤسسة ثقافية سعودية فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز العلاقات الثقافية على مستوى أوسع عبر تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والإبداع بين البلدين، مما يساعد على إيجاد القواسم المشتركة في المجتمعات، وعم التبادل الثقافي ومقاربة وجهات النظر الثقافية، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين “الهيئة الملكية لمحافظة العُلا“، و”الوكالة الفرنسية لتطوير العلا”، وجاء انطلاق فيلا الحجر خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لمحافظة العلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وبحوار فني راقص جمع 9 راقصات و9 راقصين من مختلف الجنسيات، تم تقديم عرضاً في الهواء الطلق عكس فيه اندماج الرقصات مع طبيعة العلا الصحراوية، وعلى الكثبان الرملية تناغمت حركات الراقصين وكأنهم جزء من طبيعة تلك المنطقة التاريخية، وتم تصميم هذه الرقصات على يد مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، وراقصين لا تتجاوز أعمارهم 22 عاماً.
فيما أكد القائمان على فيلا حجر في العلا وجدان رضا وأرنو موراند، أنهما سعيا نحو تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لفيلا الحجر، وذلك عبر أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا “مسارات”، وأشارا أن هذا العرض ساهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، عبر فهم طبيعة العلا الصحراوية التاريخية، ومحاولة ربطها بطريقة منسجمة بالبيئة الحضرية.
فيما شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ”فيلا الحجر”، على التزامهم بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية، مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن تعزّز وتشجع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، ومحاولة تقديم عروض فنية قادرة على صنع إنجازات ثقافية تناسب جميع الفئات.
فيما عبر الحضور من الجانبين الفرنسي والسعودي عن إعجابهم بالعرض الذي اتسم بالاستثنائية والتناغم مع طبيعة العلا التاريخية، فيما أكد القائمون أن عرض مسارات استطاع تحقيق الأهداف التي وضعوها لعرض ما قبل الافتتاح، عبر تقديم عرض راقص معاصر، وباعتباره أول عرض تقترحه المؤسسة.
ولاحظ الحضور احترام العرض لخصوصية محافظة العلا وتاريخها العريض، إذ جاء العرض متحفظاً وغير تدخلي فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره.
فيما انطلق مشروع “النفس لحظات طواها النسيان” بعرض حي، وبمشاركة المدعوون المحليون تفاعلوا مع المنشأة من خلال التنفس والصوت، مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.
هذا وشاركت الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي في إنتاج عملاً فنياً معاصر تم الكشف عنه في موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، والجدير بالذكر أن المنشأة موزعة على موقعين، هما وادي النعام الذي يتكون من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».
والجدير بالذكر أن منطقة «الحجر» التاريخية تعد أول موقع تراثي سعودي يسجل ضمن قائمة المنظمة العالمية للتراث والعلوم والثقافة “يونسكو”، وجاءت زيارة الرئيس الفرنسي للعلا للاطلاع على أبرز المعالم والمواقع الأثرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين وشيدت خلال حقب زمنية ماضية.
وشملت الزيارة أيضاً قصر الفريد الذي يعد أحد أبرز المعالم الأثرية القديمة في منطقة «الحجر» بالعلا، وموقع «الديوان» وهو أحد المعالم التاريخية في شمال شرقي منطقة الحجر، وعدداً من المواقع والشواهد التاريخية القديمة التي تزخر بها محافظة العُلا، وتشكل مقصداً لكثير من السياح من مختلف الدول.
وكانت السعودية وفرنسا قد عززت التعاون الثقافي بين البلدين، الثلاثاء، بإبرام 9 برامج تنفيذية بين عدد من الهيئات الثقافية في البلدين، وذلك خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لحي الطريف التاريخي في الدرعية.
اقرأ أيضاً: مهرجان الممالك القديمة 2024 الحدث الأبرز في لحظات العلا