وسط زخم التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة في مختلف القطاعات، تتألق السعودية بخطواتها الطموحة نحو مستقبل أكثر استدامة وابتكاراً في مجال الطاقة، فبينما يزداد الطلب العالمي على حلول طاقة نظيفة وفعّالة، تنطلق المملكة برؤية ثاقبة تمزج بين طموحاتها التنموية والتزامها بالحفاظ على البيئة.
وفي هذا السياق، أعلنت «الشركة السعودية لشراء الطاقة» عن توقيع سلسلة من الاتفاقيات النوعية التي تعكس عزم المملكة على تعزيز حضورها في مجال الطاقة المتجددة والحرارية، وهذه الاتفاقيات ليست مجرد أوراق موقعة، بل هي ملامح لمشاريع طموحة ستعيد رسم ملامح قطاع الكهرباء، بمزيج متناغم من التكنولوجيا المتقدمة والشراكات الدولية القوية.
وفي التفاصيل، فقد وقّعت «الشركة السعودية لشراء الطاقة»، المعروفة بالمشتري الرئيسي، اتفاقيات لتطوير خمسة مشروعات كبرى لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الحرارية، بطاقة إجمالية تصل إلى 9200 ميغاواط.
جرى التوقيع بحضور الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة ورئيس مجلس إدارة الشركة، وتضم المشروعات «رماح» و«النعيرية للطاقة الحرارية»، والتي تعتمد تقنية التوربينات الغازية بالدورة المركبة المرنة مع إمكانية إضافة أنظمة لالتقاط الكربون، بطاقة إجمالية تصل إلى 7200 ميغاواط، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وتضمنت الاتفاقيات توقيع عقود لمشروعَي «رماح1» و«النعيرية1»، بسعة 1800 ميغاواط لكل منهما، مع تحالف يضم شركات «أكواباور»، و«السعودية للكهرباء»، و«كيبكو» الكورية للطاقة الكهربائية، وبالإضافة إلى ذلك، وقعت اتفاقيات لمشروعَي «رماح2» و«النعيرية2»، بنفس السعة، مع تحالف يجمع شركات «أبوظبي الوطنية للطاقة»، و«جيرا» اليابانية، و«البواني» السعودية.
اقرأ أيضاً: مملكة الطاقة السعودية تحتفي باليوم العالمي للطاقة
ومن المتوقع أن تبدأ هذه المشروعات مرحلة التشغيل التجاري في الربع الثاني من عام 2028، كما يشمل البرنامج مشروع «الصداوي» للطاقة الشمسية الكهروضوئية، الذي يُعد جزءاً من المرحلة الخامسة للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة، بسعة تصل إلى 2000 ميغاواط، والذي سيبدأ تشغيله التجاري في الربع الثاني من عام 2027، بعد توقيع اتفاقياته مع تحالف شركات «مصدر»، و«كيبكو»، و«جي دي لتطوير الطاقة».
فيما بلغت الاستثمارات الإجمالية لهذه المشروعات نحو 35 مليار ريال (ما يعادل 9.33 مليار دولار)، وتأتي هذه الخطوة ضمن إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تحقيق مزيج طاقة أمثل لإنتاج الكهرباء، حيث تُخطط لأن تشكل الطاقة المتجددة نصف المزيج، والنصف الآخر من الغاز الطبيعي، مع تقليل الاعتماد على الوقود السائل في قطاع الكهرباء.
يُذكر أن السعودية وقعت حتى الآن اتفاقيات لـ 25 مشروعاً للطاقة المتجددة في مختلف مناطق المملكة، بإجمالي قدرة توليد تصل إلى 23 غيغاواط، وذلك ضمن الجهود المستمرة لتحقيق الأهداف الوطنية للطاقة المستدامة.
هذا أكدت المملكة العربية السعودية، خلال مشاركتها في قمة مجموعة العشرين أن قضية أمن الطاقة تُعد تحدياً عالمياً يعيق جهود التنمية ومكافحة الفقر، وشددت على ضرورة أخذ الظروف الخاصة لكل دولة واحتياجاتها التنموية المختلفة بعين الاعتبار عند صياغة خطط التحول في قطاع الطاقة.
كما دعت إلى تبني رؤية متوازنة وشاملة ترتكز على ثلاثة محاور أساسية: «ضمان أمن الطاقة، توفير طاقة بأسعار ميسورة، وحماية البيئة لتحقيق الاستدامة».
اقرأ أيضاً: مشاريع الطاقة المتجددة في السعودية: مستقبل متقدم للمملكة!
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح جزءاً مهماً من معادلة الطاقة في العديد من الدول، حيث تشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) إلى أن الاستثمار في هذه المجالات يشهد نمواً غير مسبوق، والمملكة بدورها استفادت من موقعها الجغرافي المميز، الذي يمنحها واحدة من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي في العالم، ما يجعلها قادرة على تحقيق مشاريع عملاقة في مجال الطاقة المتجددة.
إلى جانب ذلك، تحرص المملكة على تعزيز شراكاتها الدولية، ليس فقط لجذب الاستثمارات، ولكن أيضاً لنقل التقنيات الحديثة وبناء قدرات وطنية تسهم في ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للطاقة المستدامة.