في عام 2023، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية «حملة وعد»، هذه الحملة أحدثت تحولاً ملحوظاً في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، من خلال تعزيز اتفاقيات التدريب مع القطاع الخاص، إذ بدأت في مدينة عرعر، وسرعان ما توسعت لتشمل الظهران وجدة وجازان، ونتيجة لهذه الجهود، تم توفير أكثر من 1.155 مليون فرصة تدريبية، بفضل شراكات استراتيجية مع 14 شركة وطنية رائدة.
هدفت هذه الجهود إلى تمكين المواطنين السعوديين من خلال تعزيز مهاراتهم في مجالات متنوعة، وساهمت في بناء قوى عاملة متمكنة، كما شجعت استثمار القطاع الخاص في رأس المال البشري، الأمر الذي عزز الاقتصاد من خلال تطوير مهارات القوى العاملة، وقد تجاوزت الحملة أهدافها الأولية، محققة نسبة نجاح فاقت 112% خلال مرحلتها الأولى.
تهدف «حملة وعد» إلى تعزيز ثقافة التدريب في سوق العمل السعودي وزيادة الوعي بأهمية التدريب، باعتباره عنصراً حيوياً لدعم منشآت القطاع الخاص وتعزيز قدرتها التنافسية، كما تسعى إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص لتحقيق التنمية المستدامة.
ومن خلال رفع مستويات المهارة والإنتاجية بين العمال، نجحت المبادرة في تحسين جودة الأداء في سوق العمل، وقد سلطت الضوء على تجارب ناجحة في القطاع الخاص، مقدمة نماذج مميزة توضح كيف يمكن للتدريب أن يعزز الكفاءة ويحفز النمو الاقتصادي.
اقرأ أيضاً: تخصصات المستقبل في السعودية: احتياجات سوق العمل ورواتب عالية
تضمنت النسخة الأولى من مبادرة «وعد» معايير محددة للمشاركة فيها، إذ كان يتوجب على المنشآت أن تصنف ضمن «المنطقة الخضراء» وفقاً لبرنامج نطاقات، كما كان من الضروري أن تقوم هذه المنشآت بتدريب أكثر من 12% من موظفيها السعوديين سنوياً، وللتأهل، كان يجب على المنشآت أن تمتلك خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات في السوق، إضافة إلى تقديم برامج تدريبية متنوعة وسياسات فعّالة تعزز كفاءة التدريب، فضلاً عن الالتزام بقدرتها على تدريب أكثر من 50 ألف مواطن سعودي بحلول عام 2025.
يذكر أن معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، كان قد أعلن عن الحملة الوطنية للتدريب «وعد» رسمياً يوم الاثنين 20 مارس من العام الماضي، ودُشِّنت حينها في فندق كراون بلازا في الرياض، بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والمسؤولين والخبراء من القطاعين الحكومي والخاص.
وأفاد الراجحي أثناء التدشين بأن وعد هي حملة وطنية تهدف إلى إبراز وتقدير الجهود الحالية لدى منشآت القطاع الخاص في استثمار قدرات شباب وشابات المملكة، وتعزيز الاقتصاد الوطني من خلال تطوير وتدريب القوى العاملة السعودية لتلبية احتياجات المستقبل.
اقرأ أيضاً: سارة السحيمي أول امرأة تترأس السوق المالية السعودية
هذه المبادرة وغيرها هي جزء بسيط من رؤية المملكة المستقبلية لسوق العمل السعودي، ففي عصر تتسارع فيه التحولات الاقتصادية والاجتماعية، تأتي رؤية 2030 كخارطة طريق مبتكرة تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي للبلاد، فلا تقتصر هذه الرؤية على كونها خطة استراتيجية فحسب، بل تمثل كذلك طموحاً حقيقياً لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، فهي تركز على قطاعات مثل السياحة، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، وغيرها، لتفتح آفاقاً جديدة للباحثين عن عمل، إذ يتوقع خلق مئات الآلاف من الفرص الوظيفية في مجالات شتى.
ولتعزيز التنويع الاقتصادي، تستثمر الحكومة السعودية بحكمة في برامج التعليم والتدريب لتطوير مهارات القوى العاملة، وتركز مبادرات مثل برنامج تنمية القدرات البشرية على تزويد السعوديين بالمهارات اللازمة لسوق العمل المستقبلي، ما يوفر لهم فرص الوصول إلى تعليم جيد وبرامج تدريب متخصصة.
وتستهدف برامج التعليم والتدريب التقني والمهني (TVET) إعداد الشباب لمهن في مجالات الهندسة، والتكنولوجيا، والتصنيع، كما تسعى الشراكات مع المؤسسات التعليمية العالمية إلى منح السعوديين خبرة دولية وشهادات معترف بها، لتساهم في تعزيز فرصهم في التوظيف على محلياً وعالمياً.
اقرأ أيضاً: المؤتمر الدولي لسوق العمل 2025
إذاً، رؤية 2030 هي نقطة تحول حقيقية للباحثين عن عمل في المملكة العربية السعودية، بالنسبة للمواطنين السعوديين والمغتربين على حد سواء، الرسالة واضحة، المملكة تشهد تحولاً جذرياً، وهذا يفتح أمام المستعدين لتبني التغيير آفاقاً واسعة من الفرص، لتطوير مهاراتهم، وابتكار أفكار جديدة.
و«حملة وعد» الأولى ونتائجها المبهرة التي فاقت التوقعات، تعد خطوة مهمة في رحلة التحول التي تشهدها المملكة العربية السعودية تحت رؤية 2030، فهي تعكس التزام المملكة بوضع مواطنيها في صميم خطط التنمية، وتضمن تزويدهم بالمهارات اللازمة لمواجهة التحديات المستقبلية.
اقرأ أيضاً: 1400 فرصة عمل لخريجي المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني