ضَجت مِنصات التواصل الاجتماعي سيما مِنصة إكس “X” بهاشتاغ #حياة_الماعز، الفيلم الذي حقق أعلى نسبة مُشاهدة على مَدى شهر، والذي من المُفترض أن تكون رسالة الفيلم موجهة لأهدافٍ سامية أولاً، بعيداً عن إثارة الخِلافات وربما الأحقاد بين أفراد أو شعوب أو دول.
إذ نشطت القنوات على منصة “يوتيوب” بتحليل الحدث، حتى إنّ بعضها وصل مرحلة ربط إنتاج الفيلم ببعض أجهزة الاستخبارات المعادية للمملكة.
وبعضهم الآخر عاد بالذاكرة أكثر من خلال ربط الفكرة بفيلم للممثل الأمريكي توم هانكس الذي يعود فيلمه لعام 2016، للتذكير بمحاولات السينما الغربية لإظهار المجتمع السعودي بمظهرٍ معين، أقلّ ما يُقال عنه، إنّه يتجاهل قيم الأصالة والنخوة والحضارة التي تُميّز هذا البلد وأهله.
فما قصة الفيلم ولماذا أحدث كل هذا الضجيج؟!
أثار فيلم حياة الماعز المعروض على منصة نتفلكس في مارس 2024 غضباً عارماً في الشارع السعودي، وهو من إنتاج 2023.
إذ يروي الفيلم معاناة وافدٍ هندي تعرض للاستغلال وسوء المعاملة من قبل أحد أرباب العمل في السعودية في العام 1991، وهو مقتبس عن قصة يزعمون في هذا الفيلم أنها حقيقية، ولكن يبدو أنها لا تمت للحقيقة أو للواقع بصِلة، كما يتناول نظام الكفيل وما يعانيه العمال الأجانب في السعودية بسبب هذا النظام الذي يحولهم إلى عبيد بلا حقوق، يتعرضون لكل أنواع الظلم والابتزاز والمعاملة غير الإنسانية.
فاشتعلت المنصات غضباً لإظهار السعودي بمظهر الظالم وآكل الحقوق، لينتشر هاشتاغ #السعودية_خط_احمر.
وتنوعت المداخلات بين مهاجم لنظام الكفيل في المملكة العربية السعودية، ومدافع عن المملكة واصفاً القصة بأنها مجرد حالة فردية ولا تتجاوز نسبتها في الواقع الخمسة بالمئة. ومثلما يوجد بعض الجشعين، يوجد خيّرين كثر.
فقد كتبَ أحد الوافدين الهنديين واسمه ألطاف (Altaf) في منشور على منصة إكس يتحدث عن تجربته الإيجابية في السعودية، وأن السعوديين والخليجيين وراء التطور الحاصل في منطقته وأنهم مدينون للسعوديين.
كما كتبَ عبد الله الشعيل عن تجربة عاملة أثيوبية أُصيبت بالشلل لدى عائلة سعودية فما كان من العائلة إلا أن التزمت بتقديم العون للوافدة والرعاية الطبية اللازمة لها مدة 19 عاماً.
أما فيما يتعلق بالجانب الأساسي والمهم لنظام الكفيل، والذي بالمقابل لاقى هجوماً شرساً، نجد أن السعودية قد ألغته منذ عام 2022، وذلك في إطار رؤية المملكة 2030، لأنها وجدت فيه تعطيلاً لبيئة الأعمال، ما يمنعها من استقطاب المواهب.
اقرأ أيضاً: المهرجانات الثقافية بوابة متجددة نحو الانفتاح الناعم
وتبين أن نظام الكفيل كان يمنح صاحب العمل سلطات واسعة على العامل، تصل إلى التحكم في إقامته وتنقله.
لكن مع النظام الجديد أصبحت الكفالة تشمل فئات محددة أبرزها العمالة المنزلية وضمن شروط ورسوم صارمة، لتصبح بيئة العمل في السعودية أكثر مرونة وجاذبية وتحقيقاً للعدالة.
وهذا إن دلّ على شيء، فحتماً يدل على الجهود التراكمية والتعديلات القانونية التي خطتها المملكة للتغلب على مساوئ نظام الكفالة الذي كان معمولاً به منذ سبعينات القرن الماضي. وأنها ترفض أي استعباد للإنسان من قِبل صاحب العمل وبالتالي جعلت الإنسانية من أولوياتها.
إذاً نجد أن هذا الانتشار الفيروسي لحملات التأويل والتحليل لفيلم “حياة الماعز” هدفه الوحيد تعميم الحالة الفريدة التي يطرحها الفيلم على مجتمع يتكون من الملايين من البشر.
لكن عندما نعود إلى التطورات والتعديلات الحاصلة على أرض الواقع في المملكة نجد أنها كمثل أي مجتمع نجد فيه الصالح ونجد الطالح… فلتعود السينما لرسالتها الأسمى وهي النقد البناء فقط لا غير.
اقرأ أيضاً: مشاركة تاريخية وغير مسبوقة للسينما السعودية في مهرجان كان السينمائي الدولي