في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، تظل الإبل رمزاً خالداً يحمل بين حروف اسمه عبق التاريخ وروح البداوة، وفي سياق الاحتفاء بـ«عام الإبل» في المملكة العربية السعودية، أصدر مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية منذ أيام «دليل الإبل»، ليعيد اكتشاف العلاقة الراسخة التي تربط إنسان الجزيرة العربية بهذه الكائنات العظيمة.
يسعى مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية من خلال «دليل الإبل» إلى الافتخار بالإرث الثقافي والتاريخي للمملكة، وتعريف الأجيال الجديدة بجزء أساسي من هويتهم الوطنية، ويتضمن هذا الدليل ثراءً معرفياً متنوعاً، من خلال استعراضه أسماء الإبل في القرآن الكريم، والكشف عن تسميات مختلفة ترتبط بأعمارها وجماعاتها وأسماء أجزاء جسدها، كما يسلط الضوء على أصواتها وأنواع سيرها، ويوفر تصنيفات دقيقة لها من حيث الجنس والتصنيف العلمي.
ويثري الدليل القارئ بمعلومات عن صفات الإبل العربية وسلوكياتها وطباعها، ويجمع بين الحكمة والجمال في ما قيل عنها في الأمثال والشعر العربي، كما يعكس أهمية الإبل في التراث العربي من خلال استكشاف ألوانها، وأقوال العرب عنها، ونقوشها الصخرية، إضافة إلى مكانتها في القصص التاريخية والأمثال الفصيحة وأساطيرها التي تعكس قدسيتها قبل الإسلام.
ليس هذا فحسب، يقدم دليل الإبل كذلك نظرة عميقة على أشهر أنواع الإبل وسلالاتها في المملكة، ويشمل أمثالاً وحكماً باللهجة السعودية العامية، وفي ختامه يعرض اهتمام أئمة المملكة وملوكها بالإبل، مبرزاً مكانتها الرفيعة في الثقافة العربية.
اقرأ أيضاً: تصميم الأزياء بجلد الإبل إبداعٌ يتناغم مع الأصالة
وتعليقاً على إصدار الدليل، أوضح الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن المجمع يعمل على مجموعة من المبادرات والمشروعات اللغوية التي تتزامن مع عام الإبل، ومن بين هذه المبادرات يأتي «دليل الإبل» ، الذي يستند إلى ثراء معاجم اللغة العربية بأسماء الإبل وأوصافها.
ولفت الوشمي إلى أن هذا الدليل يمثل إسهاماً وطنياً يبرز ركيزة أساسية من ركائز الهوية الوطنية الأصيلة، ويعد عنصراً ثقافياً مهماً في الهوية السعودية، ودليلاً إثرائياً يقدم للقراء محتوى متنوع يتضمن معلومات لغوية وثقافية حول الإبل، في خطوة تعكس وفاء المجمع للغة العربية وتعزيز مكانتها في نفوس أبناء الوطن.
اقرأ أيضاً: ما هي فعاليات مهرجان شتاء طنطورة لهذا العام؟
لا بد من الإشارة إلى أن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية كان قد أطلق في بداية هذا العام منصة «فلك» للمدونات اللغوية، والتي تمثل خطوة رائدة في عالم تحليل النصوص وتوسيم البيانات اللغوية، تضم المنصة أكثر من 10 مدونات لغوية، تهدف إلى تمكين عشاق اللغة العربية من التعاون في خدمة حوسبتها وتعزيز المرجعية العلمية للبيانات اللغوية الموثوقة، وهي إحدى المبادرات المهمة في مسار الحوسبة اللغوية، حيث تحتوي على أكثر من مليار ونصف مليار كلمة.
جاءت منصة «فلك» لتكون بوابة شاملة للمدونات اللغوية العربية، قادرة على خدمة أغراض متعددة لاستقراء الظواهر اللغوية من خلال الرصيد الضخم للبيانات المضمنة فيها، وقد جُمعت نصوص هذه المدونات من سياقات ومستويات لغوية متنوعة، تتراوح بين الفصحى والعامية، ومن مصادر لغوية متعددة، وما يميزها هو التزامها بالتطوير والتحسين المستمرين، حيث تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات جمهور المستخدمين وتعليقاتهم.
وكجزء من منصة «فلك» للمدونات اللغوية، أطلق مجمع الملك سلمان مؤخراً «مدونة الإبل»، كما أصدر كتاباً بعنوان: «ألفاظ الإبل بين الماضي والحاضر: دراسة في التطور الدلالي»، ويزخر هذا الكتاب بألفاظ معاصرة تتعلق بالإبل، مستخدمة بين أهل الإبل اليوم، ويستند إلى أصول عربية فصيحة تم التعرف عليها من خلال رحلات ميدانية منظمة، والعديد من هذه الألفاظ لم تُدوَّن في معجم أو كتاب مطبوع، ما يضفي على هذا العمل قيمة مهمة.
جدير بالذكر، أن عام الإبل 2024 هو احتفال خاص أطلقته المملكة العربية السعودية، تقديراً لمكانة الإبل الثقافية والحضارية، وقد جاء هذا القرار، الذي وافق عليه مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، ليعكس الارتباط العميق بين الشعب السعودي والإبل باعتباره مكون أساسي من هويته وثقافته.
سعت هذه المبادرة ولا زالت تسعى إلى تعزيز هذا التراث عبر فعاليات محلية ودولية، مع التركيز على الحفاظ على الهوية الوطنية وتعريف الأجيال القادمة بأهمية الإبل، ووزارة الثقافة هي المشرفة الأساسية على الفعاليات، وهي التي تنفذ برامج ومبادرات مثل دليل الإبل ومدونة الإبل وغيرها، والتي تهدف إلى تنمية قطاع الإبل وزيادة مساهمته في التنمية الوطنية.
اقرأ أيضاً: سالب وموجب.. الدراما التركية وتأثيرها على المجتمع السعودي