في عالم تتشابك فيه المصالح وتتقاطع فيه النزاعات، تظل بعض القضايا تمثل خطوطاً حمراء لا تقبل المساومة، ومن بين هذه القضايا، مسألة السيادة الوطنية واحترام الحدود المعترف بها دولياً.
من هنا، نجد الرياض تُعلن رفضها القاطع لما وصفته بـ «الخريطة المزعومة» التي نشرتها جهات إسرائيلية رسمية، متضمنة أراضي عربية من الأردن ولبنان وسوريا، في خطوة أثارت استياءً واسع النطاق.
وفي بيان أصدرته وزارة الخارجية السعودية، أكدت المملكة أن هذه الادعاءات تعد استفزازاً سافراً يكشف عن نوايا سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تثبيت سيطرتها وتعزيز اعتداءاتها على سيادة الدول المجاورة، في تحدٍ صارخ للأعراف والقوانين الدولية، وشدد البيان على أن هذا النهج المتطرف يهدد الأمن الإقليمي ويقوض الجهود الدولية لتحقيق السلام.
ودعت المملكة المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح وحاسم لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد شعوب المنطقة، كما أكدت على أهمية احترام سيادة الدول وحدودها المعترف بها دولياً، معتبرة أن تجاهل هذه المبادئ يُفاقم أزمات المنطقة ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني.
وفي السياق ذاته، استنكرت رابطة العالم الإسلامي هذه الادعاءات، معبرة عن قلقها من استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وأكدت الأمانة العامة للرابطة أن هذه التصرفات تزيد من تأجيج التوترات الإقليمية وتعرض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم للخطر.
من جانبه، أكد وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري أن المملكة مستمرة في دعم الجهود الدولية الرامية إلى التوصل لحلول سلمية توقف نزيف الدم في قطاع غزة، وتخفف من معاناة الشعب الفلسطيني، مشدداً على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، ومحذراً من خطورة استمرار الانتهاكات الإسرائيلية على الاستقرار الإقليمي.
اقرأ أيضاً: السعودية تجدد إدانتها لجرائم الكيان بحق الفلسطينيين
وعلى صعيد آخر، أشاد مجلس الوزراء السعودي بالتقدم المحرز في المحادثات الثنائية بين المملكة وسوريا، مؤكداً حرص السعودية على تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا ودعم الجهود الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب السوري، كما تناول المجلس آفاق التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، داعياً إلى تعزيز العمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
في ظل هذه المواقف، تثبت السعودية مرة أخرى التزامها بمبادئها الراسخة ودورها الريادي في دعم قضايا الأمة، وبينما تواصل إسرائيل ممارساتها الاستفزازية، بما في ذلك توسيع المستوطنات في الجولان السوري المحتل، تبرز المملكة موقفها الواضح في دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وقد أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً يدين هذه الخطوات الإسرائيلية، ويدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ضد هذه الممارسات.
وفي سياق مرتبط، أجرى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مباحثات مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، تناولت مستجدات الأوضاع في سوريا. وخلال اللقاء، أعرب الأمير عن قلق المملكة من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في الجولان، معتبراً أن هذه التصرفات تعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا.
وعلى الصعيد الإنساني، أدانت السعودية بأشد العبارات استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمرافق الصحية في قطاع غزة، بما في ذلك إحراق مستشفى وإجبار المرضى والكوادر الطبية على المغادرة، ووصفت وزارة الخارجية هذا العمل بأنه انتهاك صارخ للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف هذه الجرائم.
اقرأ أيضاً: السعودية ترحب بقرار أممي بشأن التزامات الكيان تجاه الفلسطينيين
من جهته، أعرب الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، عن استنكاره لهذه الجرائم، مشدداً على أن الصمت الدولي أمام هذه الانتهاكات يسهم في تفاقمها، وأكد أن استمرار الاحتلال في استهداف المدنيين والمنشآت المدنية يهدد السلام والاستقرار.
وفي تطور آخر، دعت حركة حماس إلى إجراء تحقيق دولي مستقل للكشف عن حجم الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، نافية الادعاءات الإسرائيلية بشأن استخدام المستشفى لأغراض عسكرية، وأكدت الحركة أن المنشأة كانت تعمل تحت إشراف المؤسسات الدولية.
أما وزارة الصحة الفلسطينية، فقد أعلنت أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية أدت إلى مقتل 37 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، مشيرة إلى أن عدد القتلى منذ بداية الحرب تجاوز 45436 شخصاً، مع تشريد غالبية سكان القطاع الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
بهذه التطورات، تتجلى الحاجة إلى تحرك دولي جاد لوقف التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني، وتحقيق سلام عادل وشامل يعيد الحقوق إلى أصحابها.