ولدت سامية الميمني في الإحساء سنة 1955 لأسرة بسيطة، وعلى الرغم من ندرة التعليم للفتيات في ذلك الوقت، إلا أن والدها كان مؤمناً بفطنة وذكاء ابنته، وتوالت السنين الدراسية عليها وكانت محط أنظار معلميها لشدة ذكائها، وفي امتحانات الثانوية العامة فقدت سامية الميمني والدها جراء حادث، والسبب في عدم إنقاذه هو عدم وجود طبيب للمخ والأعصاب في المستشفى، وليس فقط في المستشفى وإنما في المملكة العربية السعودية ككل، وعلى الرغم من حالة الانعزال والاكتئاب التي دخلت بهما سامية بعد وفاة والدها إلا أنها قررت الاستمرار وتحقيق حلمه بأن تصبح طبيبة، وقدمت سامية ميمني امتحانات الشهادة الثانوية لتحصل بعدها على المجموع الكامل وتكون الأولى على مستوى المملكة العربية السعودية.
درست سامية الميمني في كلية الطب بجامعة الملك فيصل للتخرج بعدها بمعدل عالي، كان هدف سامية الميمني دراسة جراحة العظام، إلا أن هذا التخصص لم يكن موجود في الجامعات السعودية آنذاك، لتبحث سامية عن جامعات دولية تدرس هذا الاختصاص وتصل إلى أعرق جامعة في جراحة العظام وهي جامعة شالز للطب والعلوم، فتقوم فوراً بإرسال خطاب إلى الجامعة، وكانت الخطابات في ذلك الوقت ترسل بالبريد وبخط اليد، أي تستغرق وقتاً طويلاً للرد، وبعد ستة أشهر وصل الرد لسامية الميمني بالموافقة على طلبها، إلا أنه يجب أن تمر ببعض الاختبارات في بلدها، وعند تجاوزها لها سيتم قبولها، وفعلاً هذا ما حصل وسافرت سامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ندم القائمون على الجامعة على قبول سامية الميمني لديهم لربما بسبب لباسها وشكلها المختلف عنهم، إذ حافظت سامية على هيئتها الإسلامية بالحجاب، إضافة إلى نظرة الاستحقار التي كان ينظرون بها الأمريكيين للعرب، لتعاود سامية الميمني مرحلة الاختبارات وكان ذلك مفتعل من قبل القائمين على المركز بقصد تعجيزها ورفضها، إلا أنها اجتازتها كلها لتثبت للجميع أنها حالة استثنائية، وبعد التخرج انصدم مدراء الجامعة بنتائج سامية وعرضوا عليها إما العودة إلى بلدها أو البقاء عندهم للعمل وهم يؤمنون لها كافة مستلزمات المعيشة.
وافقت سامية الميمني على لبقاء في الولايات المتحدة لتكسب خبرة في مجالها، وتزوجت من الدكتور السعودي محمد الحامد، ومع ذلك أكملت الدكتورة سامية مسيرتها المهنية، وبفضل ذكائها وبعد أبحاث كثيرة قامت بها تمكنت من اختراع جهاز من أجهزة الكمبيوتر المحاكي، هذا الجهاز يستطيع التحكم في ذبذبات الأعصاب ليقوم بتحريكها، وقامت بتجربة هذا الجهاز على مرضى الشلل الدماغي لتتفاجأ بنتائج مبهرة، وبالتالي يكون أول جهاز معالج لمرض الشلل الدماغي في العالم، إذ كان يعد هذا المرض صعب الشفاء منه، وأطلقت عليه سامية الميمني اسم جهاز “الاسترخاء العصبي”.
لم تقف اختراعات سامية الميمني عند هذا الجهاز، بل قامت أيضاً باختراع جهاز للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وأسمت هذا الجهاز “مارس”، ليقوم المجلس الأعلى للأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية بتكريم سامية على اختراعاتها وحصولها فيما بعد على براءة الاختراع عن أجهزتها، وبعدها تم تداول هذه الأجهزة في المشافي الأمريكية.
توالت أبحاث سامية الميمني لتقلب موازين الطب في اختراع جهاز يحدد خلايا الأعصاب في المخ “الجونج” وبالتالي تساعد الطبيب الجراح في تحديد مكان التلف بدون أي صعوبات ومع توفير في الوقت والجهد.
اقرأ أيضاً: منحة جامعة الملك عبد العزيز 2025
مرحلة توالي العروض المغرية في المقابل ازدياد الخطر
مع هذا الاختراع توالت العروض المغرية من قبل الشركات الطبية للحصول على هذا الاختراع مقابل ملايين الدولارات، والشرط تسجيل براءة هذا الاختراع باسمهم.
ومع علم الدكتورة سامية الميمني بأن هذه الشركات هي شركات تجارية ستأخذ هذا الاختراع لتستغله تجارياً وتبيعه للمشافي بأعلى سعر، كما أنها كانت متأكدة من أن هذه الشركات لا تبيع الدواء الفعال في أي مرض، بل تستبدله بأدوية مشابهة لا تعطي نفس الفعالية، لذا قاومت الدكتورة سامية هذه الإغراءات لتنقطع فجأة جميع العروض التي كانت تُقدم لها.
في عام 1997 كان هناك اجتماع للطلاب والأطباء السعوديين في أمريكا بولاية فلوريدا، وتم دعوة الدكتورة سامية الميمني لهذا الاجتماع، ومع الحديث عن الصعوبات التي تواجههم قالت الدكتورة سامية أنه تم عرض عليها مبلغ 5 مليون دولار والجنسية الأمريكية مقابل آخر جهاز قامت باختراعه للأعصاب.
بعد انتهاء الاجتماع قامت إحدى الطبيبات الموجودات بالحديث مع الدكتورة سامية الميمني وتقديم نصيحة لها بالعودة إلى المملكة العربية السعودية لأن هناك احتمال كبير أن يقوموا بتوريطها في أي شيء ليتخلصوا منها، لتجاوب سامية بالإيجاب وأنها ستعود لبلدها بعد أن تحصل على براءة الاختراع بجهازها الأخير.
اقرأ أيضاً: تفاصيل اليوم الأول من مشاركة السعودية في قمة العشرين
أسبوع واحد كان الحد الفاصل بين الحياة والموت للدكتورة سامية الميمني
بعد أسبوع بالتمام من هذا الاجتماع، جاء الخبر الصادم بمقتل الدكتورة سامية الميمني، وتناقلت الصحف الأمريكية مقتلها، وفي تفاصيل الجريمة قام شخص غريب باقتحام منزل الدكتورة ليقوم بخنقها في فراشها، ثم قام بنقلها ورميها في سيارة تبريد معطلة في الشارع أمام منزلها حتى لا تتعفن ويكشف موتها.
والغريب هو تقرير الشرطة في ولاية كاليفورنيا عن سبب القتل، إذ قررت الجهات المختصة في الولاية بأن سبب القتل هو السرقة، لكن هذه السرقة شملت أبحاث ودراسات الدكتورة سامية الميمني، ليصل الخبر بعدها للدولة السعودية التي طالبت بفتح تحقيق، ومع الضغط الكبير من قبل لجنة المبتعثين الخليجيين في أمريكا، قامت الولايات المتحدة بمحاولة معرفة القاتل للتوصل أن القاتل هو “حارس البناية” الذي حكمت عليه بالمؤبد على الرغم من عدم اعترافه بأنه قاتل، واصراره أنه بريء.
إلى الآن جميع أوراق وأبحاث سامية ميمني قد اختفت تماماً، حتى أهلها لم يحصلوا على أي شيء من هذه الأوراق، ويبقى السؤال، حارس العمارة هل لديه كل هذا الحب للعلم والاختراعات ليسرق أوراق وأبحاث طبية؟؟
اقرأ أيضاً: المخرجة هند الفهاد وجه مشرق في المحافل العربية