تأكيداً على الإرث الحضارية في المملكة العربية السعودية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة التابعة للسياحة عن وضع منطقة قلاع أبو نقطة المتحمي التابعة لقرية طبب التاريخية في منطقة عسير ضمن قائمة أفضل القرى السياحية لعام 2024، وذلك خلال حفل أقيم في مدينة قرطاجنة الكولومبية، بحضور معالي وزير السياحة الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب.
وجاذ ذلك بعد تحقيق قلاع أبو نقطة معايير الابتكار والاستدامة في تنمية القرية السياحية، وتوظيفها مرافقها ومناظرها في توفير فرص العمل، والوصول إلى الاكتفاء التنموي عبر قطاع السياحة.
وقد أعرب وزير السياحة عن سعادته وفخره بدخول قلاع أبو نقطة للقائمة الدولية، إذ يعد ذلك اعترافاً دولياً بجمال المقاصد الريفية السعودية، وتنوع الوجهات السياحية التراثية والحضارية في المملكة العربية السعودية، مبيناً أن الإرث الحضاري والتاريخي التي تتمتع به منطقة قلاع أبو نقطة جاء نتيجة إسهام المملكة وجهودها في تحويل القرى والوجهات في كافة مناطقها إلى قرى سياحية قادرة على المنافسة العالمية في جميع الخدمات السياحية.
كما أشار أن وزارة السياحة تابعت بنفسها ملف ترشح قلاع أبو نقطة، وأشرفت عليه بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى، لتتكامل الصورة الجمالية لهذه المنطقة، وإبراز الإرث الجمالي للريف السعودي على المستوى العالمي، وخلال الاحتفال بهذه المناسبة، تسلم رئيس مجلس إدارة قلاع أبو نقطة سعيد بن سعود أبو نقطة المتحمي هدية تذكارية بمناسبة انضمام القلاع لأفضل القرى السياحية.
وتعد هذه القلاع من أبرز المعالم التاريخية في بلدة “طبب” العريقة بمنطقة عسير، حيث تتألف من ستة حصون وقصور مبنية من حجارة الجبال الصخرية، وتتميز بتصاميمها المعمارية القريبة من العمارة الأسبانية، التي تعكس التراث العسيري الأصيل مع نوافذ وحواف مزينة بحجر المرو الأبيض، وتطل على ضفاف وادي طبب الخصيب ما يوفر مناظر طبيعية خلابة للزوار.
وتزهر بلدة “طبب” التاريخية بالعديد من المواقع الأثرية والحصون والقلاع التي تعبر عن ماضي عريق، مما يجعلها وجهة سياحية لمحبي التاريخ، بالإضافة إلى جهود المملكة العربية السعودية في كافة قطاعاتها لتقديم كافة المرافق والخدمات المحيطة بهذه البلدة، لتوفير تجربة إثرائية ومعرفية متكاملة لزوارها.
وتقع بلدة طبب على بعد ٢٥ كيلومتراً شمال غرب مدينة أبها، على ارتفاع قرابة ۲٤٠٠ متر فوق سطح البحر، وتضم المنطقة أكثر من ١٥٠ قرية وتتخللها أودية شهيرة، مثل وادي طبب والمغوث وضبوعي، كما تشتهر بخصوبتها وزراعة محاصيل موسمية متنوعة، كما تقف طبب شاهدة على تاريخ عريق يمتد لقرون عديدة، وتضم طبب معالم أثريةً أخرى، مثل الحصون والقصور التي توزعت في قرى مثل “الحضن” و”زينة” و”الغال”، وما زالت هذه المعالم الأثرية تجذب الزوار وتؤكد عراقة التراث والتاريخ في المنطقة، وتعد قلاع أبو نقطة وطبب التاريخية من أهم الوجهات السياحية والثقافية في المملكة، وتمثل رمزاً للحضارة والإرث العريق في منطقة عسير.
والجدير بالذكر أن منظمة الأمم المتحدة تشترط في القرى الريفية للدخول في قائمة أفضل القرى السياحية، إبراز المقاصد الريفية التي تعتمد على السياحة كوسيلة لتحقيق التنمية، وتوفير فرص العمل، ومصادر دخل جديدة، مع الحفاظ على القيم والعادات والتقاليد التي تتبعها تلك المجتمعات وتروج لها.
وقد حازت قلاع أبو نقطة هذا التصنيف بفضل التزامها بمعايير الابتكار والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مما يعزز مكانتها كرمز للحضارة والإرث الثقافي السعودي.
اقرأ أيضاً: مدينة جدة: معالم تاريخية وحضارية ترسم ملامحها
ما هو تاريخ طبب؟ ولماذا يوجد فيها كل هذه القلاع والحصون؟
إذا أردنا العودة إلى تاريخ طبب وقلاع أبو نقطة في لمحة سريعة، نجد تحالف الأميران محمد بن عامر أبو نقطة وأخوه عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة أمراء قبيلة عسير مع أئمة آل سعود ذاع صيت “طبب” فأصبحت العاصمة السياسية والثقافية والاقتصادية الأولى ليس فقط لقبيلة عسير، وإنما أصبحت “طبب” حينها عاصمة لمنطقة عسير” كاملة بحدودها القديمة بسبب أن آل أبو نقطة المتحمي أمراء عسير ينتسبون لقبيلة عسير، ومن عاصمتهم “طبب ” مدّت الدولة السعودية الأولى كامل نفوذها على كامل مناطق جنوب وجنوبي غربي الجزيرة العربية وأصبحت طبب المدينة الأولى والعاصمة الأولى في عسير والموثقة تأريخياً.
تضم طبب حالياً عدة مواقع تاريخية وتراثية مهمة، أبرزها “مسجد طبب” والمميز فيه أنه لا يعرف تاريخاً لبنائه، والظاهر من تصميمه أنه بني في عصر صدر الإسلام، وقد استخدمه الأميران محمد وعبد الوهاب ابنا عامر أبو نقطة المتحمي لإعطاء دروس الدعوة السلفية، كما تشمل بلدة طبب التاريخية قلاع آل أبو نقطة المتحمي إحدى أهم الوجهات السياحة حالياً.
اقرأ أيضاً: أشيقر.. جوهرة تاريخية و أقدم القرى في السعودية
وتضم طبب أيضاً قصور أبو نقطة المتحمي، والمطلة على ضفاف وادي تهلل، وستة حصون وقصور وملاحقها، وهي قصر نايد وحصن مصنف، ومجلس عسير والقصر الشرقي، والقصر البحري وهناك ملاهب الجار والضيف، ومرابط الخيل، وحظائر الأنعام، والحصير الداخلي، ومدافن الحبوب والجرين اليماني.
عدا عن المدافن الثمانية التي استخدمها الناس قديماً لتخزين الحنطة، وحفظ الحبوب، وتتميز صخورها بعدم امتصاصعا لمياه الأمطار، وهذا ما جعلها صالحة لحفظ الحبوب، ويمتد عمقها إلى 3 أمتار، بينما يصل عرضها إلى 16م، وعمرها الزمني غير معروف لهذا تعمل هيئة التراث لتحديد عمرها الزمني بطرق علمية.
وحرصت المملكة على تزويد هذه المواقع الأثرية بمرافق متنوعة، منها مطاعم ذات جلسات خارجية مطلة على القرية ومزارعها، ومقاه محلية وعالمية، ومتاجر للحصول على الهدايا التذكارية، ومخبز لتذوق الخبزة الجنوبية الطازجة من التنور الحار، مع تجربة سكن مختلفة في قصور آل أبو نقطة المتحمي، حيث الحجز في أحد أجنحتها المهيئة لقضاء لحظات تعرف طريقها جيداً للذاكرة وعبق الأصالة والتاريخ.
وجاء ترميم هذه المواقع الأثرية تماشياً مع رؤية المملكة 2030، بجهود حكومية رامية إلى إبراز تاريخ هذه المنطقة وما تعرضت له من حروب وغزوات، والجدير بالذكر أنه وصلت حداثتها إلى ترشيحها للدخول في مسابقة أفضل الأماكن السياحية في العالم من منظمة اليونسكو.
اقرأ أيضاً: مواقع سعودية مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو..اكتشف أشهر 5 منها