هل قرأت يوماً عن البحوث الجيولوجية التي يجريها العلماء لتتبع حياة الإنسان القديم؟ هل قادك الفضول ذات مرة لتزور الأمكنة التي تجري فيها هذه البحوث في رحلة سياحية عمادها المتعة والمعرفة في آنٍ؟ يمكنك القدوم معنا في رحلة إلى كهوف الباحة في السعودية، حيث يتلاقى سحر الطبيعة وعمق التاريخ في منطقةٍ أقلّ ما يقال عنها كنزٌ أثري مغلف بالروعة والجمال!
بداية، علينا الانتباه لخطواتنا جيداً، فجبل شدا الذي يرتفع عن سطح البحر 2200 متر، ورغم ما يتمتع به من خصوصية وجمال، إلا أنه يحتوي على تشكيلات شديدة الانحدار، وكهوف صخرية تروي حكاية السكان الأصليين الذين استوطنوا المنطقة منذ آلاف السنين، إذ تتوزع حول جوانبه قرى ما زالت تحتفظ بطابعها الأثري.
ولعل أول ما يلفت نظرك في هذه الكهوف المنحوتات الصخرية البديعة التي تحتار إن كان من نحتها الإنسان أم الطبيعة الأم. وينقسم جبل شدا إلى قسمين: شدا الأعلى الذي أصبح محمية طبيعية للعديد من النباتات والحيوانات النادرة.
إضافة إلى شدا الأسفل الذي بات وجهة هامة لمحبي السياحة الجيولوجية من المملكة ومختلف أنحاء العالم، بسبب مغاراته الطبيعية التي تكونت نتيجة الحركات الأرضية عبر آلاف السنين.
كما تضم كهوف الباحة: كهف أبو الوعول الذي تم اكتشافه مؤخراً من قبل هيئة المساحة الجيولوجية، كهف أم جرسان، كهف عين الهيت، كهف شغفان، كهف الإضاءة، كهف الهرير، وكهف وادي الشوق.
وتحتوي هذه الكهوف كتابات أثرية ورسوماً تعود إلى الفترة ما بين (2000 – 6000) سنة قبل الميلاد، لتكون بذلك من أقدم الرسوم الصخرية التي تم العثور عليها في كهوف العالم.
اقرأ أيضاً: المتحف الوطني السعودي: وجهة سياحية تهديك عبق التاريخ
ومع تنامي الاهتمام بهذه الكهوف كوجهات سياحية، وضعت الهيئة السعودية للسياحة كهوف الباحة ضمن الوجهات السبع لبرنامج “صيف السعودية” الذي يستمر حتى نهاية شهر أيلول المقبل، دون أن تنسى ما تتمتع به المنطقة بشكل عام من مقومات طبيعية ومناخ معتدل ومناظر ساحرة.
إذ تحتوي على: قرية ذي عين الأثرية، وادي ضرك الذي يوفر تجربة مميزة لمحبي الرحلات البرية بجباله الصخرية، والينابيع المنتشرة فيه وأشجاره الخضراء المعمرة، غابة رغدان الجميلة، قرية ذي عين الرخامية التي يعود تاريخها لأكثر من 400 عام، شلال الخرار، سد وادي الجنابين، متنزه الأمير حسام الذي يضم عدداً من الشلالات والبحيرات، ومتحف الأخوين الغني بالمصنوعات اليدوية التي تعرض تاريخ المنطقة.
يوماً بعد يوم تزداد أهمية الكهوف الطبيعية بالنسبة للأوساط المحلية والعالمية المهتمة بعلوم الجيولوجيا والأحافير، وفي السعودية حيث تم حتى الآن اكتشاف 300 كهف، يجري العمل بشكل حثيث لاستقطاب الفرق البحثية العالمية لاكتشاف الحضارة التي تخفيها هذه الكهوف بين صخورها وعلى جدرانها، جنباً إلى جنب مع العمل على توفير كل ما تحتاجه هذه الكهوف من مقومات لتكون وجهات سياحية فريدة على الصعيدين المحلي والعالمي.