في ظل مشهد عالمي تتزايد فيه التحديات البيئية، وينذر بتغيرات جذرية في توازنات الطبيعة، يخطو لبنان خطوة مهمة بانضمامه إلى مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
هذه المبادرة ليست مجرد مشروع بيئي فقط، بل هي رؤية شاملة تهدف إلى إعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان وبيئته، حيث تتناغم التنمية المستدامة مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
وهذا يعني أن لبنان أمام لحظة يلتقي فيها الطموح مع الواقع، ويتحول فيها الحلم الأخضر إلى واقع ملموس على أرض الأرز.
فبالنسبة للبنان، الذي يعاني من تداعيات بيئية خطيرة نتيجة لظروفه الجغرافية والسياسية، يمثل هذا الانضمام فرصة تاريخية لإعادة إحياء أرضه وإعادة زرع الأمل في مستقبله.
اقرأ أيضاً: أفضل المطاعم اللبنانية في الرياض 2024: الموقع والتقييم
وتأتي هذه الخطوة في وقت حرج بالنسبة للبنان، حيث يعاني الجنوب اللبناني من أضرار بيئية وزراعية كبيرة جراء الضربات الإسرائيلية المتكررة، الأمر الذي يزيد من أهمية التعاون الإقليمي لتحقيق الاستدامة البيئية.
أطلقت المبادرة التي نتحدث عنها هنا من قبل المملكة العربية السعودية في عام 2021 كجزء من رؤية السعودية 2030، وهي تهدف إلى توحيد جهود الدول في المنطقة لمكافحة التغير المناخي وتحقيق تنمية بيئية مستدامة.
وتسعى المبادرة إلى زراعة 50 مليار شجرة عبر المنطقة، واستعادة 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة الغطاء النباتي بمقدار 12 ضعفاً.
كما تركز على تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال استخدام تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون.
اقرأ أيضاً: طيران الرياض يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية بإطلاق حافلاته الكهربائية
مؤخراً، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن انضمام لبنان إلى هذه المبادرة، مؤكداً أن هذه الخطوة تأتي في وقت حرج للغاية بالنسبة للبنان، خاصة في ظل الظروف البيئية المتدهورة في الجنوب.
كما أشار إلى أن التعاون مع المملكة العربية السعودية في هذا الإطار يمثل دعماً حيوياً للبنان، خاصة في ظل الدمار البيئي والزراعي الذي يعاني منه.
ومن جانبه، أضاف وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، أن أحد الأهداف الرئيسية للمبادرة هو حماية المنطقة من آثار التغير المناخي ووقف تدهور الأراضي، مشيراً إلى أهمية التعاون السعودي-اللبناني لتحقيق هذه الأهداف، فيما أعرب عن شكره للسعودية على قبول ملف لبنان وإدراجه في هذه المبادرة الهامة.
يعاني لبنان من تحديات بيئية كبيرة، لا سيما في المناطق الجنوبية، وتشمل هذه التحديات تدهور الأراضي الزراعية، تدمير الغابات، وزيادة التصحر.
ومن خلال المشاركة في “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، يسعى لبنان إلى الاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة عبر التعاون الإقليمي لتحسين الوضع البيئي وتقليل آثار التغير المناخي.
وتهدف المبادرة إلى تقديم دعم فني ومالي للبنان لمساعدته في تنفيذ مشاريع بيئية، مثل إعادة التشجير، وحماية المناطق الطبيعية، وتحسين الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
كما ستعمل على تعزيز الوعي البيئي في المجتمع اللبناني وتشجيع المشاركة الفعالة من قبل القطاعات المختلفة، بما في ذلك الحكومات المحلية، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص.
اقرأ أيضاً: واقع ومستقبل توظيف الشباب السعودي في القطاع الخاص
بالتوازي، فإن انضمام لبنان إلى هذه المبادرة سيعزز من دوره في الجهود الإقليمية والعالمية لمكافحة التغير المناخي.
وبهذا الخصوص، يشير الخبراء إلى أن التعاون يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية بين لبنان ودول المنطقة، ويعزز من استقراره في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها.
علاوة على ذلك، يعكس هذا الانضمام رغبة لبنان في أن يكون جزءاً من الحلول العالمية للتحديات البيئية والمناخية، وهو ما يتماشى مع التوجهات الدولية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يشار إلى أن الوزارات اللبنانية المعنية، وخاصة وزارتي الزراعة والبيئة ستقومان بمتابعة تنفيذ هذه المبادرة بالتعاون مع الجهات السعودية والدولية.
وستشمل هذه الجهود إعداد خطط تنفيذية لمشاريع إعادة التشجير، وتحسين الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، وتعزيز البنية التحتية البيئية في لبنان.
فيما ستسعى الحكومة اللبنانية إلى تأمين التمويل اللازم لهذه المشاريع من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والشركاء الإقليميين.
اقرأ أيضاً: أكثر الدول العربية حيازة للذهب لعام 2024