أفاد تقرير، صدر أمس عن “إس آند بي غلوبال ريتينغز”، عن توجه شركات الاتصالات الخليجية نحو الأسواق الأوروبية عبر صفقات اندماج واستحواذ، بهدف تنويع مصادر دخلها وتقليل المخاطر الناجمة عن تقلبات الأسواق الناشئة التي تعمل فيها.
وكشف تقرير “إس آند بي غلوبال ريتينغز”، أن شركات الاتصالات الخليجية تواجه نمواً بطيئاً في إيراداتها من الأسواق المحلية، نتيجة تشبع الأسواق حيث تجاوز معدل انتشار الهواتف المحمولة مقارنة بعدد السكان 100%، وهو ما دفعها إلى البحث عن فرص جديدة في الأسواق الأوروبية ذات المخاطر المنخفضة والنمو المستقر.
كما أوضحت وكالة التصنيف الدولية أنه رغم توقعها تباطؤ نمو سوق الاتصالات في أوروبا ليكون عند 2% في المتوسط، إلا أن انخفاض الإنفاق الرأسمالي المطلوب في هذه الأسواق يمكن أن يساهم في زيادة التدفقات النقدية للمشغلين الخليجيين.
في السياق، أرجعت الوكالة هذا التوجه من جانب الشركات الخليجية إلى سبب آخر يتمثل في استهدافها تقليل مخاطر الأسواق الناشئة التي تعمل فيها، حيث أن زيادة أنشطة الشركات الخليجية في أوروبا من شأنه أن يوفر تحوطاً لمحافظها من تقلب العملات في الأسواق الأخرى، مثل أسواق مصر وباكستان ومعظم دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
وفي الأشهر الأخيرة، جرى تنفيذ عدد من الصفقات الكبرى في أوروبا، بقيادة الشركات الخليجية ، كان أبرزها، استحواذ (e&) الإماراتية على حصة أغلبية في (PPF Telecom Group)، التي تمتلك أصولاً في بلغاريا والمجر وصربيا وسلوفاكيا، بنسبة 50% زائد واحد بقيمة 2.36 مليار يورو.
وفي السعودية، استحوذت شركة الاتصالات السعودية (إس تي سي stc) على حصة 4.9% في مجموعة “تليفونيكا” الإسبانية، لتحصل لاحقاً على موافقة الحكومة الإسبانية لرفع حصتها إلى 9.97%، بالإضافة إلى الحق في تعيين عضو في مجلس الإدارة.
ورفعت الشركة الإماراتية حصتها في مجموعة “فودافون” البريطانية إلى 15%، ما يجعلها أكبر مساهم منفرد في الشركة، إضافة إلى توقيعها صفقة للاستحواذ على 100% من (تيلينور باكستان Telenor Pakistan) بقيمة 1.4 مليار درهم إماراتي، وفي انتظار الموافقات التنظيمية.
اقرأ أيضاً: شركات الاتصالات في السعودية عالم من التقنية!
تعزيز حضورها على الساحة الدولية
بالإضافة إلى التوسع الدولي، تتجه شركات الاتصالات الخليجية نحو الاستثمار في مراكز البيانات لتعزيز خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، حيث أعلنت كل من (إس تي سي) و(أوريدو) عن خطط لاستثمار مليار دولار لكل منهما في هذا المجال خلال السنوات القليلة القادمة.
وكذلك شهدت السوق السعودية في ديسمبر الماضي خطوة استراتيجية بقيام (إس تي سي) ببيع حصتها البالغة 51% في “توال”، شركة الأبراج التابعة لها، لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، ليقوم الصندوق بنقل هذه الحصة إضافة إلى حصته في شركة “غولدن لاتيس إنفستمنت” إلى كيان جديد بهدف توحيد البنية التحتية لأبراج الاتصالات في المملكة تحت كيان موحد يدير 30 ألف برج في 5 دول.
وترى “إس آند بي” أن هذه التوسعات ستساهم في تعزيز مكانة شركات الاتصالات الخليجية على الساحة الدولية، مع استمرار تركيزها على الأسواق المحلية كمحور رئيسي لتحقيق الأرباح، ويتوقع التقرير أن يستمر توسع شركات الاتصالات الخليجية في أوروبا في ظل وجود سيولة مالية قوية واستراتيجيات واضحة للتوسع.
إلى ذلك، أوضح التقرير أن الاستثمارات الخليجية في قطاع الاتصالات بأوروبا تواجه رقابة تنظيمية صارمة، حيث أبدى المسؤولون حذراً في الموافقة على بعض الاستثمارات، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية الاستراتيجية، على سبيل المثال، فرضت السلطات الإسبانية شروطاً على استثمار (إس تي سي) في “تليفونيكا” لضمان استقلالية عملياتها وحماية المصالح الوطنية.
وأكد التقرير أن هذه الاستثمارات لم تؤثر بشكل كبير على التصنيفات الائتمانية للشركات الخليجية، حيث لا تزال تعتمد على الأسواق المحلية والإقليمية كمصادر رئيسية للتدفقات النقدية. ومع ذلك، فإن عمليات الاستحواذ الكبيرة مثل صفقة (e&) على (PPF Telecom) قد تؤدي إلى تحسن في الإيرادات والأرباح بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% بدءاً من عام 2025.
وفيما يتعلق بالشركات المستهدفة، فقد أشار التقرير إلى أن تصنيفاتها الائتمانية لم تتحسن بعد، وذلك بسبب عدم وجود سيطرة تشغيلية كاملة أو ضمانات مالية صريحة من الشركات الخليجية. الاستثناء الوحيد كان صفقة استحواذ (e&) على (PPF Telecom)، حيث تم رفع التصنيف الائتماني للشركة الأوروبية من (+BB) إلى (-BBB).
اقرأ أيضاً: أفضل شركات الاتصالات في السعودية: نمو وتطور مستمر
