أدانت وزارة الخارجية السعودية حادثة الدهس، التي وقعت في سوق بمدينة ماغديبورغ في جمهورية ألمانيا الاتحادية، ونتج عنها وفاة وإصابة عدد من الأشخاص، معبرة عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا.
وشددت المملكة على موقفها في نبذ العنف، وعبٌرت عن تعاطفها وصادق تعازيها لأسر المتوفين ولجمهورية ألمانيا الاتحادية حكومة وشعباً، مع تمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل.
يذكر أن عملية دهس، استهدفت، ليل الجمعة، سوقاً لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ، شرق ألمانيا، وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص بينهم طفل، وإصابة أكثر من 200 آخرين.
وأكد مسؤول محلي أنه تم القبض على السائق المتورط في عملية الدهس شرقي البلاد، فيما ذكر مسؤول ألماني أن الجاني لم يكن مدرجاً على قائمة المراقبة الخاصة .
وألقت الشرطة الألمانية القبض على الجاني، ويدعى طالب عبد المحسن، وهو طبيب سعودي مقيم في ألمانيا منذ عقدين، في مكان الحادث بجوار السيارة التي دهست الحشد، مخلّفة وراءها أضراراً جسيمة وضحايا ودماء.
المستشار الألماني أولاف شولتس، زار أمس السبت، موقع عملية الدهس في مدينة ماغدبورغ، داعياً مواطنيه إلى الوحدة في مواجهة هذه “الكارثة الرهيبة”.
وتعهّد شولتس، بأن تردّ ألمانيا “بكل قوة القانون على الهجوم الرهيب”، ودعا إلى الوحدة الوطنية في وقت تشهد فيه ألمانيا نقاشاً حاداً بشأن الهجرة والأمن، مع اقتراب إجراء انتخابات في فبراير.
كما عبّر شولتس عن امتنانه لمشاعر “التضامن من قبل عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم”، مضيفاً: من الجيد أن نسمع أننا نحن الألمان لسنا وحدنا في مواجهة هذه الكارثة الرهيبة.
بدورها، أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أن المهاجم “معادٍ للإسلام”، وخلال مرافقتها المستشار أولاف سولتس، لتفقد موقع الهجوم، سأل صحافيون الوزيرة عن دوافع المهاجم، فأجابت أن “الأمر الوحيد” الذي يمكنها تأكيده حالياً “هو أنه معاد للإسلام”، وذلك استناداً إلى المواقف التي عبّر عنها.
نقل موقع صحيفة “بيلد” الألمانية أن منفذ العملية، طالب عبد المحسن، كان تحت تأثير المخدرات لدى ارتكابه الجريمة ودهسه عشرات المارة في سوق الميلاد في ماغدبورغ.
وأجرت الشرطة فحصاً أولياً بأخذ عينة من مسحة بالفم يمكنها التقاط 7 أنواع مخدرات، وظهرت النتيجة إيجابية.
ويعمل عبد المحسن البالغ من العمر 50 عاماً، طبيباً في عيادة الأمراض العقلية بمستشفى في بيرنبورغ، وهو يحمل الإقامة الدائمة، ومقيم في ألمانيا منذ عام 2006، ويجاهر بكرهه للإسلام على صفحته على منصة “إكس” التي أطلق منها تحذيرات متكررة بأنه يريد قتل ألمان، تم تجاهلها من قبل السلطات.
3 تحذيرات سعودية
في السياق، كشف مصدر سعودي، أن المملكة كانت قد حذرت ألمانيا عدّة مرات من المنفذ، بعدما أعرب عن آراء متطرفة على منصة “إكس”، بحسب ما نقلت عنه وكالة “رويترز”.
كما نقلت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية أن السعودية أرسلت 3 تحذيرات إلى السلطات الألمانية حول الرجل، تم تجاهلها كلها.
كذلك، نقلت صحيفة “دي فيلت” أن سيدة سعودية تواصلت العام الماضي مع دائرة الهجرة الألمانية، وأبلغتهم فيها أن عبد المحسن أصبح متطرفاً، ويطلق تهديدات بالقتل، وأنه يريد قتل ألمان، ودعتهم للتحقيق معه، لكن دائرة الهجرة ردت على السيدة بنصحها بالتواصل مع الشرطة الألمانية. وردت السيدة بأنها لا تتحدث الألمانية، وحاولت التواصل مع الشرطة، وأرسلت رسالة نصية لعنوان بريدي، ولكن أرسل إلى الشرطة في برلين بولاية نيوجرسي.
إلى ذلك، تلقت عدة دوائر من الشرطة الألمانية، بحسب “دي فيلت”، عدداً من الشكاوى من أشخاص أبلغوا عن الرجل بسبب التهديدات التي كان يطلقها على “إكس”، وانتهت إحدى هذه الشكاوى إلى فتح الشرطة في ولاية “ساكسونيا انهالت” التي يسكن فيها عبد المحسن، تحقيقاً أغلقته سريعاً بعد أن استنتجت بأن التهديدات التي يطلقها لا تثير القلق.
وفي ديسمبر العام الماضي، كتب عبد المحسن على منصة “إكس”: “أؤكد لكم 100% أن الانتقام قادم، حتى ولو على حساب حياتي. على ألمانيا أن تدفع الثمن، ثمناً باهظاً”، بحسب تعبيره.
وكان غالباً يشكو من مشاكل له مع الشرطة، ويعبّر عن أفكار متطرفة ومعادية للإسلام، ويزعم أن هناك مساعٍ لـ “أسلمة أوروبا”، ويُعبّر عن إعجابه بأفكار حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف المعادي للمسلمين، ويقول إنه الحزب الوحيد القادر على إنقاذ ألمانيا.
وبحسب “دي فيلت”، قبل 4 أشهر، أي في أغسطس الماضي، كتب على حسابه على “إكس”: “هل هناك طريق للعدالة في ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو قتل مواطنين ألمان بشكل عشوائي؟ أنا أبحث عن هذا المسار السلمي منذ عام 2019 ولم أجده بعد”
في 14 أغسطس، كتب باللغة العربية على على منصة “إكس”: “إذا أرادت ألمانيا حرباً فنحن لها. إذا أرادت ألمانيا أن تقتلنا فسوف نذبحهم وندخل السجن بكل فخر، لأننا استنفدنا كل الوسائل السلمية، فما لقينا من الشرطة وأمن الدولة والنيابة والقضاء ووزارة الداخلية الفيدرالية إلا المزيد من الحرائق ضدنا. فالسلم معهم لا ينفع”.
ونقلت صحف أخرى عن المستشفى الذي كان يعمل به، أنه كان يتغيب كثيراً في الأشهر الماضية، وأنه كان يحضر إلى الاجتماعات من دون تحضير.
يذكر أن ماغدبورغ هي مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 237 ألف نسمة وتقع على بعد حوالي 150 كيلومترا غرب برلين.
تجدر الإشارة إلى أنه في ديسمبر 2016، وقعت حادثة مشابهة، حين استهدف مهاجم سوق عيد الميلاد في برلين بشاحنة، مما أسفر عن مقتل 13 شخصاً وإصابة العشرات، قبل أن يلقى حتفه لاحقاً خلال اشتباك مع الشرطة.
اقرأ أيضاً: السعودية ترحب بقرار أممي بشأن التزامات الكيان تجاه الفلسطينيين