اقترب شهر رمضان المبارك الذي ينتظره المسلمون بفارغ الصبر، فهو الفرصة المميزة للتأمل الروحي والترابط المجتمعي، لكن ما قد يغفل عنه كثر، أنه يحمل تحديات خاصة للمصلين الذين يعانون من أمراض مزمنة، فبينما يتوق الجميع لوجبة الإفطار التقليدية، قد يشعر هؤلاء وكأنهم يتنقلون في حقل ألغام غذائية، وإدراكاً لهذه المعاناة، اتخذت الهيئة العامة لرعاية الحرمين الشريفين خطوة رائدة بفرض نسبة من الوجبات منخفضة السعرات الحرارية، لضمان دمج الصحة مع الروحانية، وتعزيز تجربة الصيام للجميع دون استثناء.
وفي التفاصيل، أطلقت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بوابة إلكترونية جديدة لتسهيل تقديم موائد إفطار الصائمين، والتي تتيح للأفراد والجهات الخيرية إرسال طلباتهم بكل يسر وسلاسة، ومن خلالها، يمكن لكل فرد اختيار موقع سفر واحدة، بينما تُتاح 10 سفر للجهات الخيرية، ويمكن كذلك التعاقد مع شركات الإعاشة المعتمدة.
وأكدت الهيئة على أهمية تقديم وجبات منخفضة السعرات الحرارية لأصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم، فحُدِّدت نسبة 20% من وجبات الأفراد و30% من وجبات الجهات الخيرية لهذا الغرض، مع الالتزام التام باستخدام المغلف المعتمد لضمان جودة الخدمة وسلامتها.
إذ تولي الجهات المسؤولة عن تقديم وجبات الإفطار الرمضاني لضيوف الرحمن داخل المسجد الحرام أهمية قصوى لفحص جودة وسلامة الوجبات، وتقوم الفرق المتخصصة بإجراء 12 فحصاً ميدانياً ومخبرياً، من جهة لتقييم القوام والرائحة وتاريخ الصلاحية، ومن جهة أخرى للتحقق من جودة التمور، مع فحوصات دقيقة تشمل التحقق من الشكل واللون والقوام.
اقرأ أيضاً: على خطاه: مشروع ديني تاريخي يتصدر منصة X
وجبات إفطار منخفضة السعرات الحرارية في مكة
وتهدف وجبات الإفطار منخفضة السعرات الحرارية إلى تقديم بديل متوازن للخيارات التقليدية ذات السعرات العالية، مع احترام الروح الثقافية لشهر رمضان الكريم، وتتضمن الوجبات السلطات الطازجة، والبروتينات المشوية، مثل الدجاج والأسماك، التي توفر طاقة أساسية دون الدهون الزائدة.
كما تتضمن الخيارات الحبوب الكاملة، مثل الخبز الغني بالألياف وبدائل الأرز، والتمر، والزبادي، الذي يعد مصدراً جيداً للبروتين والكالسيوم، ويساعد في تحسين الهضم بعد يوم طويل من الصيام، وتُثري دقة المديني، الصلصة التقليدية، النكهة العامة للوجبة، بينما تأتي عبوة الماء 200 مل لتعويض نقص السوائل في الجسم.
وإلى جانب هذه المكونات الأساسية، تقدم شؤون الحرمين تشكيلة من المكونات الإضافية التي تضفي تنوعاً على وجبة الإفطار، مثل عصير تركيز 100% والمكسرات بدون قشور، والتي تعد مصدراً مهماً للدهون الصحية والبروتينات.
ومن بين الحلويات التقليدية التي تزيّن موائد رمضان، يوجد المعمول الذي يحظى بشعبية كبيرة، وتضفي القشطة فيه طعماً غنياً ومميزاً، كما يُقدم التمر المحشي الذي يجمع بين الفوائد الغذائية والنكهة الشهية، ليكون خياراً لذيذاً للتمتع بحلاوته بعد يوم طويل من الصيام.
اقرأ أيضاً: عادات وتقاليد شهر رمضان في المملكة العربية السعودية
ويعكس تنظيم شؤون الحرمين لوجبات الإفطار في المسجد الحرام، التزام المملكة بتقديم خدمات عالية الجودة للزوار والمصلين، ما يعزز من تجربة رمضان في الحرم الشريف، يُظهر هذا التنظيم المتقن اهتماماً خاصاً بجميع الفئات، حيث تُحضَّر الوجبات وتوَّزع وفق معايير دقيقة تضمن النظافة والراحة للجميع.
تتجاوز هذه المبادرة الرائدة حدود شهر رمضان المبارك، إذ تعد رؤية ثاقبة للتحولات المستقبلية، ومن خلال إعطاء الأولوية للشمولية والصحة، تضع مكة المكرمة معياراً جديداً في تكييف الممارسات الدينية مع احتياجات المصلين، فالوجبات المنخفضة السعرات الحرارية ليست تغييرات في محتوى الوجبات فقط، بل تعبير عميق عن كيفية تداخل الإيمان والصحة والحداثة لتشكيل تقاليد دينية تعكس روح العصر.
كيف تتبرع لإفطار صائم في مكة؟
لمن يرغب في المشاركة في إفطار صائم بمكة المكرمة، هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك، على سبيل المثال يمكن التعاون مع الجمعيات الخيرية المحلية التي تنظم هذه الفعالية، مثل جمعية “حفظ النعمة الخيرية”، الذين يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على الصائمين المحتاجين.
أيضاً، لمن يفضل التبرع من المنزل، يمكن زيارة المنصات الإلكترونية مثل “إحسان” التي تسهل عملية التبرع وتضمن وصوله إلى المستفيدين، ولمحبي العمل المباشر، يمكن شراء وجبات الإفطار وتوزيعها على من يحتاجها، ما يتيح فرصة التواصل مع المجتمع وإحداث تأثير مباشر في حياة الآخرين، كل هذه الخيارات تجعل من صاحبها جزءاً مهماً من هذا العمل النبيل في شهر رمضان الخير.
اقرأ أيضاً: تعرف على أبرز الجمعيات الخيرية السعودية للحد من هدر الطعام في رمضان